الحوار بين الحضارات(1)
+2
Alex
MeMo
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحوار بين الحضارات(1)
إذا
كانت التعددية الثقافية فى هذا العالم قائمة، ولاشك فى ذلك، والصراع بين
ثقافات الشعوب يحدث بين الفينة والفينة، هو مسألة لا خلاف عليها، فإن كل
ذلك لا يعنى أن الصراع هو خاتمة المطاف، أو جوهر العلاقات بين البشر، وهى
تلك العلاقات التى وصفها القرآن الكريم بالقول: {يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله
أتقاكم إن الله عليم خبير} (الحجرات: 13)، والتعارف هنا هو الحوار ذاته،
فلا حوار بدون علاقات، ولا علاقات بدون تعارف، ولا تعارف بدون حوار.
كانت التعددية الثقافية فى هذا العالم قائمة، ولاشك فى ذلك، والصراع بين
ثقافات الشعوب يحدث بين الفينة والفينة، هو مسألة لا خلاف عليها، فإن كل
ذلك لا يعنى أن الصراع هو خاتمة المطاف، أو جوهر العلاقات بين البشر، وهى
تلك العلاقات التى وصفها القرآن الكريم بالقول: {يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله
أتقاكم إن الله عليم خبير} (الحجرات: 13)، والتعارف هنا هو الحوار ذاته،
فلا حوار بدون علاقات، ولا علاقات بدون تعارف، ولا تعارف بدون حوار.
والحضارتان الشرقية الإسلامية، والغربية المسيحية على وجه التحديد توجد بينهما عناصر مشتركة كثيرة منها:
-
[size=18]أن الحضارتين من الحضارات الإيمانية، ذلك أن المسيحية تُكوَّن، تاريخيًا
وفعليًا، عنصرًا روحيًا أساسيًا فى الحضارة الغربية إلى جانب المكون
«العقلى» المستمد تاريخيًا من الفلسفة اليونانية، والحضارة العربية
الإسلامية بدورها، حضارة إيمانية بحكم الدور الهائل الذى يلعبه الإسلام فى
تحديد «مكونات» الثقافة العربية الإسلامية حتى بالنسبة للمسيحيين العرب.
-
كما أن الحضارتين تنظران «للإنسان» نظرةً خاصة جوهرها التكريم الشديد
باعتبار «الإنسان» حامل رسالة العدل والحب والسلام، وباعتباره بالعقل
والإرادة مخلوق الله المختار، (خلافًا لفكرة شعب الله المختار التى لا
تخلو من نزعة عنصرية)، وهذا التكريم له آثاره الكبيرة على «منظومة القيم»
فى الحضارتين، خصوصًا ما يتعلق منها بحقوق الإنسان الفرد وحرياته المدنية
والسياسية.
-
إن الحضارتين عالميتان وليستا قاصرتين على شعب أو قومية واحدة .. فكما
اتسع الإسلام لشعوب مختلفة الجنس واللون واللغة والقومية اتسعت الحضارة
الغربية، خصوصًا فى أوروبا، لشعوب مختلفة، وقوميات مختلفة.
المشكلة
التي تبرز تكمن دائمًا فى «التسييس» المفرط للأمور، فالصراع الذى يقوم بين
الثقافات المختلفة فى مختلف مراحل التاريخ، يكون غالبًا متعلقًا بدوافع
ومنطلقات سياسية بحتة، لا تبقى أبد الدهر، ولكنها تسمم مسار الحوار بين
الثقافات فى هذه المرحلة أو تلك، أما ذات الحوار بين الثقافات فهو الذى
يبقى ويستمر، وإن كان طويل المدى تاريخيًا، ولا يتبين أثره إلا بعد أن
تزول الحساسيات السياسية، وذاك التعصب الذى تخلقه السياسة قبل أن تكون
الثقافات هى المسؤولة عنه.
فمثلاً
الاستعمار بغيض وكريه، ولكنه لا يخلو من إيجابيات معينة حين تكون النظرة
التاريخية البعيدة المدى هى الدليل فى العمل والتحليل، فعندما جاء
الاستعمار وهو يحمل نظرة متعالية، وبشعار أيديولوجى تبريرى يحمل عنوان
«عبء الرجل الأبيض» فى تحضير الشعوب «المتخلفة»، أو عندما كانت الحملات
الكبرى فى التاريخ تحتل البلاد وتقهر الشعوب بذات المنطق، وذات الحجة
والنظرة المتعالية، كانت هنا ردات فعل ثقافية من قبل المستعمرين تدور حول
مفاهيم الهوية والوطن والاستقلال وحقوق الشعوب، ونحو ذلك من مفاهيم هى
ذاتها نتاج ثقافى لحضارة المستعمر ذاته، فإذا كان الاستعمار قد جاء بالقهر
فإنه أيضًا جاء بمفاهيم جديدة دخلت فى نسيج الثقافة المغزوة، وكان لها
الدور الأكبر فى مقارعته ومن ثم طرده، كما أن الاستعمار ذاته، ورغم نظرته
المتعالية وتعامله الفوقى، فإنه فى النهاية يكتسب شيئًا من ثقافة من قام
باستعمارهم وإخضاعهم، وبشكل لا شعورى وغير محسوس فى غالب الأحيان.
الثقافة فى الفكر الإسلامى
إذن
فهناك «صراع» مّا في سيادة المفاهيم، سواءً كان للطرف الأقوى أو للطرف
الآخر الضعيف، وحتى يمكننا الوقوف على أبعاد هذا الصراع وتحويله وتوجيهه
لا بد أن نقف على حقيقة مصطلح الثقافة الذي يريد كل طرف أن تكون له
السيادة على حساب الطرف الآخر، ثم الانطلاق إلى تقرير بعض الأصول التي
تشكل منطلقات الحوار الناجح المفيد.
تعرف
الثقافة فى الفكر الإسلامى بأنها كل ما يسهم فى عمران النفس وتهذيبها.
فالتثقيف، من معانيه: التهذيب.. وإذا كانت «المدنية» هى تهذيب الواقع
بالأشياء، فإن الثقافة هى تهذيب النفس الإنسانية بالأفكار والعقائد والقيم
والآداب والفنون، وكلاهما - الثقافة والمدنية - عمران.. عمران للنفس،
وعمران للواقع.
وبسبب
اختصاص الثقافة وتعلقها بعمران النفس الإنسانية وتهذيبها، تمايزت الثقافات
بتمايز الحضارات، بينما مثَّلت «المدنية» - غالبًا - المشترك الإنسانى
العام بين الحضارات، ولقد جاء مبعث التمايز فى الثقافات كثمرة لتميز النفس
الإنسانية فى كل حضارة من الحضارات، وذلك لتميز المكونات والمواريث
والعقائد والفلسفات والعادات والأعراف التى مايزت بين «البصمات» الثقافية
فى أمم هذه الحضارة.
ولقد
غدا الإسلام – كما يقول الدكتور محمد عمارة - هو الهوية الممثلة لأصالة
ثقافة هذه الأمة، فهو الذى طبع ويطبع، وصبغ ويصبغ ثقافتها بطابعه وصبغته،
فعاداتها وتقاليدها وأعرافها، وآدابها وفنونها، وسائر علومها الإنسانية
والاجتماعية، وفلسفة علومها الطبيعية والتجريبية، ونظرتها للكون وللذات
وللآخر، وتصوراتها لمكانة الإنسان فى هذا الكون.. من أين أتى؟ وإلى أين
ينتهى؟ وحكمة هذا الوجود وغايته؟ ومعايير المقبول والمرفوض، والحلال
والحرام فى المسيرة الحياتية لإنسانيتها، كل ذلك وما ماثله قد انطبع بطابع
الإسلام، واصطبغ بصبغته، ومن ثم يمكننا القول: إن ثقافتنا إسلامية الهوية،
وإن معيار الدخول والخروج فى ميدان ثقافتنا والقبول والرفض فيها هو
المعيار الإسلامى.
هذه
الحقيقة أكدها ميشيل عفلق (1328 - 1409ه/ 1910 - 1989م)، وهو واحد من أبرز
المفكرين القوميين.. يقول: «لا يوجد عربى غير مسلم، فالإسلام هو تاريخنا،
وهو بطولاتنا، وهو لغتنا وفلسفتنا ونظرتنا إلى الكون.. إنه الثقافة
القومية الموحِّدة للعرب على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وبهذا المعنى لا
يوجد عربى غير مسلم، إذا كان هذا العربى صادق العروبة، وإذا كان متجردًا
من الأهواء، ومتجردًا من المصالح الذاتية..
«وإن
المسيحيين للعرب - والكلام لا يزال لميشيل عفلق - عندما تستيقظ فيهم
قوميتهم سوف يعرفون بأن الإسلام هو لهم ثقافة قومية يجب أن يتشبعوا بها،
ويحبوها ويحرصوا عليها حرصهم على أثمن شيء فى عروبتهم.. ولئن كان عجبى
شديدًا للمسلم الذى لا يحب العرب، فإن عجبى أشد للعربى الذي لا يحب
الإسلام..» أ.ه.
ولئن
كانت هذه «شهادة قومية» على إسلامية هويتنا الثقافية، فإن كلمات القاضى
العادل والقانونى البارز والمشرِّع الفذ الدكتور عبد الرزاق السنهورى باشا
(1313 - 1391ه/ 1895 - 1971م) فى هذه القضية، هى «شهادة الإسلاميين» فى
هذا الموضوع.
يقول
د. السنهورى (رحمه الله): «أريد أن يعرف العالم أن الإسلام دين ومدنية
(حضارة) وأن تلك المدنية أكثر تهذيبًا من مدنية الجيل الحاضر.
والرابطة الإسلامية يجب أن تفهم بمعنى المدنية الإسلامية، وأساس هذه الرابطة الشريعة الإسلامية.
وفى
الإسلام - إلى جانب الدين - توجد المدنية، فأما الذين يؤمنون بتعاليم
الدين فأولئك هم المسلمون، وأما الذين ينتمون إلى الثقافة الإسلامية
فأولئك هم أولاد ذلك الوطن الإسلامى الكبير، وقد وَسِعَ المسلمون والنصارى
واليهود، عاشوا جميعًا تحت علم الإسلام طوال هذه القرون».
ويواصل
الدكتور السنهورى قائلاً: «وما عسى أن تكون تلك الثقافة الإسلامية؟ أليست
هى روح الشرق، تمثلت علومًا وفنونًا وفلسفة؟ ألم يَبْن صرح هذه الثقافة
عقولا شرقية، تنتمى كلها إلى الإسلام، وإن كان ليس كلها مسلمًا؟
وبهذا
المعنى الأخير يكون الإسلام والشرق شيئًا واحدًا؛ فالشرق بالإسلام،
والإسلام بالشرق.. والمدنية الإسلامية هى ميراث حلال للمسلمين والمسيحيين
واليهود من المقيمين فى الشرق، فتاريخ الجميع مشترك، والكل تضافروا على
إيجاد هذه المدنية..» .
وهكذا شهدت تيارات الأصالة - القومية والإسلامية - على السواء بإسلامية هويتنا الثقافية.
أما
في الغرب - وبعد أن تم فصل الدين عن الدولة، وفصل السلطة الدينية عن
السلطة السياسية، وظهرت الحداثة والتنوير وعصر الاستنارة وعصر العقل -
ظهرت أفكار مادية لا دينية، تُعرف بالمادية الجديدة، والتى انعكست على
الإنتاج الثقافى المتحرر من أى شيء، بما فى ذلك المعتقدات الدينية
المسيحية، أو التعاليم الأخلاقية المسيحية.
وكانت أهم سمات الثقافة العلمانية التى قامت على الأفكار المادية هى:
1 - ترك الأفراد أحرارًا فى اعتقادهم والإيمان بما يشاؤون.
2
- عدم عوده سيطرة الكنيسة بسلطاتها مرة أخرى، وبذلك تم فصل السلطة الدينية
المتمثلة فى الكنيسة عن السلطة السياسية المتمثلة فى الملوك والأمراء
ورجال الإقطاع.
3
- عدم فرض القوانين اللاهوتية المسيحية على الشعب والمجتمع ككل، وعدم فرض
هذه القوانين على الدولة بقوانينها وأجهزتها ومؤسساتها وسلطاتها، وبذلك تم
فصل الدين المسيحى عن الدولة.
ومن
ثم فقد أضحى الإنتاج الثقافى - سواء كان أدبًا أو فنونًا - يحمل مفاهيم
مادية، ولا يخضع لمفاهيم دينية مسيحية، ويحوى معالجات تختلف عن الثقافات
الأخرى.
وفى
الحقيقة فإن الإنتاج الثقافى العلمانى الأوروبى والأمريكى - نتيجة لعدم
تقيده بمفاهيم ثقافية دينية، وانطلاقه من مفاهيم مادية - أضفى عليه طابعًا
انحلاليًا يهاجم المعتقدات الدينية والأخلاق الدينية والمفاهيم الدينية،
وكأن بينه وبينها عداءً.
وكان
المتوقع للنظرة المادية - التى تتقيد بها الثقافة العلمانية الغربية - أن
تقف موقفًا محايدًا بالنسبة للأديان، وذلك الموقف المعادى للأديان لا تجده
فى الثقافات الأخرى، مع أن كثيرًا منها ينطلق من اعتقادات دينية غير
سماوية مثل الثقافة الهندية والثقافة الصينية اليابانية.
ومن
الغريب أن عداء الثقافة العلمانية الغربية المادية الحديثة ينصبُّ أساسًا
على الثقافة الإسلامية، بل إن القادة الغربيين السياسيين وقادة الثقافة
والفلسفة والفكر يُصوِّبون سهامهم نحو الثقافة الإسلامية، ويتخذون منها
العدو الرئيس لثقافتهم العلمانية المادية، وكثير من آراء بعض هؤلاء القادة
مثل الرئيس نيكسون وفوكوياما وهنتنجتون وغيرهم، تتجلى فيها هذه الأفكار
المعادية للفكر الإسلامى.
[/size]
MeMo- الزعيم
-
عدد الرسائل : 4524
العمر : 32
العمل/الترفيه : tous
المزاج : Dur
نقاط التميز : admin
الأوسمة :
البلاد :
تاريخ التسجيل : 24/03/2008
رد: الحوار بين الحضارات(1)
شكـــــــــــــــــــــــــــ لك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
Alex- عضو نشيط (مشرف)
-
عدد الرسائل : 1192
العمر : 29
نقاط التميز : 120
تاريخ التسجيل : 23/05/2008
houda- رئيس(ة) المشرفين
-
عدد الرسائل : 2417
العمر : 32
العمل/الترفيه : الدردشة
المزاج : انتيك التوماتيك السوتاتيك التوكاتيك
نقاط التميز : 240
الأوسمة :
تاريخ التسجيل : 14/05/2008
رد: الحوار بين الحضارات(1)
اسمحولي حاولت باه نسقم الموضوع ماحبش
لا شكر على واجب
لا شكر على واجب
MeMo- الزعيم
-
عدد الرسائل : 4524
العمر : 32
العمل/الترفيه : tous
المزاج : Dur
نقاط التميز : admin
الأوسمة :
البلاد :
تاريخ التسجيل : 24/03/2008
رد: الحوار بين الحضارات(1)
شكرا لك
Lynda- فريق العمل
-
عدد الرسائل : 1133
العمر : 29
العمل/الترفيه : الانترنت ، الموضة
تاريخ التسجيل : 09/06/2008
MeMo- الزعيم
-
عدد الرسائل : 4524
العمر : 32
العمل/الترفيه : tous
المزاج : Dur
نقاط التميز : admin
الأوسمة :
البلاد :
تاريخ التسجيل : 24/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى